منتديات السروج
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

الذي حـدث هنـاك

اذهب الى الأسفل

الذي حـدث هنـاك Empty الذي حـدث هنـاك

مُساهمة من طرف **الحيالة** الأربعاء يوليو 11, 2007 1:14 pm

الذي حـدث هنـاك
::قصـة قصـيرة::



يقول السيد "كريم": قصتنا اليوم في الفضاء، وهي مأخوذة من ملفات أحد المسئولين السرية.. وأحداثها تدور كالتالي
**********
هل لي أن أفهم ما الذي يحدث بالضبط.؟
قالها، ثم دارت عيناه في الوجوه المحيطة، علّه يستشف إجابة منها دون جدوى
واقترب منه هذا القصير، قائلاً بلهجة محايدة: عذراً لاستدعائك العاجل يا سيدي.. ولكن ثمة ما أوّد عرضه عليك
زاده قوله هذا توتراً فعاد يتسائل: ماذا بالضبط..؟
رد القصير قائلاً: لست أظن الموقف قابلاً للشرح.. من الأفضل أن تراه بنفسك
واجتاز بضعة ممرات، منحتها إضاءة النيون الشاحبة، جواً ثقيلاً، شعر به يجثم على روحه ويخنق أفكاره المخدرة بآثار النوم الذي انتزعوه منه بذلك الاستدعاء العجيب
نرجو حضور سيادتك على الفور.. الأمر عاجل وغير قابل للتأجيل
ترى ما هو هذا الأمر العاجل الذي استدعوه من أجله..؟
وألقى نظرة أخرى على ملامح القصير الذي سار إلى جواره صامتاً، في محاولة أخرى لاستشفاف طبيعة الموقف، وزادها جمود ملامح القصير المستفز
وأخيراً بلغا قاعة عرض الفيديو، وما أن دلفا إليها حتى أغلق القصير الباب خلفه بإحكام، ثم التفت إليه ليحدق في عينيه بضراوة قائلاً: لقد منحت الأمر سرية مطلقة حتى تطلع عليه بنفسك.. إنه يتعلق بالمركبة الفضائية "إس-32" التي أطلقناها الأسبوع الماضي في مهمتها الاستكشافية
اصطبغ صوت المسئول بالتوجس وهو يقول: ما الذي حدث لها؟
منحه مساعده القصير نظرة صامتة أذابت أعصابه، ثم واصل وكأنه لم يسمع سؤاله: التسجيلات التي ستشهدها الآن من داخل المركبة "إس-32" ولقد أخذنا في تلقيها بعد ثلاثة أيام من إطلاق الملاكبة
وبدون أن ينتظر رده قام بتشغيل جهاز العرض، وعلى الشاشة المسطحة، وأمام عيني المسئول، أطل وجه شاب واضح القسمات، قصير الشعر، خرج صوته قوي النبرات على نحو يوحي بالثقة وهو يقول: هنا المركبة "إس-32".. البث الأول.. الوضع مستقر وجميع الأجهزة تعمل بكفاءة.. السرعة تبلغ ثلثي سرعة الضوء وفي المسار الصحيح.. أجهزة الضغط وتوليد الأكسجين تعمل بكفاءة.. سأقوم بإرسال البث الدوري الثاني بعد أربع وعشرين ساعة بالتوقيت الأرضي
قالها، وبدا كمن يمنح الكاميرا ابتسامة بلا معنى، ثم أظلمت الشاشة
**********
همّ المسئول بقول شيء ما عندما سطع ضوء الشاشة مرة أخرى في عينيه حاملاً وجه الشاب بملامحه الثابتة، والذي انبعث صوته مرة أخرى يقول: هنا المركبة "إس-32".. البث الثاني.. مازال الوضع ثابتاً.. الفحص الدوري للأجهزة يؤكد أن كل شيء على ما يرام.. فقط يبدو أن هناك خللاً ما في أجهزة ضخ الأكسجين، فهي تضخ الأكسجين أقل من المعتاد.. لست متأكداً.. سأقوم بمراجعة جهاز الضغط والتأكد من هذا.. مازلت أنطلق بسرعة ثابتة وفقاً للقصور الذاتي.. البث القادم سيكون بعد أربع وعشرين ساعة بالتوقيت الأرضي
ومرة أخرى الابتسامة غير ذات المعنى، ثم أظلمت الشاشة
**********
عندما سطعت الشاشة مرة أخرى، كانت تحمل تفاصيل أكثر وضوحاً لأجهزة المركبة الداخلية، وللشاب الذي وقف وسطها ليقول وقد نحت القلق تفاصيل جديدة في قسماته الواضحة: المركبة "إس-32".. البث الثالث.. يبدو أن هناك خطأ ما.. لقد تأكدت من جميع أجهزة ضخ الأكسجين وجهاز إعادة تحويل ثاني أكسيد الكربون وكلها تعمل بكفاءة ولكنني مازلت أشعر أن الأكسجين أقل.. بالطبع سنستبعد احتمال التسرب، وهذا يترك لي احتمالاً.. حسناً إنه ليس احتمالاً
وصمت الشاب لحظة بدا فيها حائراً فيما يقول ثم اقترب بوجهه ليملأ به الشاشة أمام عيني المسئول مردفاً: الأمر يبدو كأنه هناك من يتنفس معي داخل المركبة!! لست أدري.. على كل حال البث القادم سيأتي في موعده المعتاد...
وهذه المرة اجتهد لينتزع ابتسامته المعتادة ثم أظلمت الشاشة مجددًا
**********
على الفور قال المسئول والخدر يغلف أعصابه أكثر وأكثر: ما الذي يعنيه بوجود من يتنفس معه داخل المركبة؟!! أليس وحيداً داخل المركبة؟
لم يجبه القصير.. وانما اكتفى بقوله: تابع يا سيدي.. تابع
وسطعت الشاشة مرة أخرى، وانفجر معها صوت الشاب مخترقاً أعصاب المسئول، وهو يهتف والانفعال يصنع تموجات عنيفة في ملامحه: هنا المركبة "إٍس-32".. أعرف أن ما سأقوله سيبدو جنوناً، لكنني لست وحيداً في هذه المركبة!! نعم، لست وحيداً، هناك من يتنفس داخل المركبة!! يتنفس وأنا أسمعه بوضوح.. أسمع صوت تنفسه الثقيل طيلة الوقت.. إنه يستهلك الأكسجين بضراوة دون أن يخرج منه ثاني أكسيد الكربون ليتم إعادة ضخه في صورة أكسجين أشعر أنني أتنفس بصعوبة.. ربما أنا الذي يهذي.. ربما هي الرحلة التي أثرت عليّ.. حقًا أتمنى لو أنني أهذي..
وهذه المرة لم يلقِ بابتسامته قبل أن تظلم الشاشة
**********
تملكت رجفة عجيبة جسد المسئول، واتسعت عيناه في مزيج من اللهفة والقلق منتظرًا سطوع الشاشة مرة أخرى
وفي أعماقه بدأ شعور دفين بالخوف يشق طريقه إلى سطح أفكاره.. أفكاره التي استحال الخدر حولها إلى طبقة كثيفة من الضباب و
وسطعت الشاشة مجددًا..
وزحف الخوف بسرعة جنونية من قبره، إلى سطح أفكار المسئول، الذي حدّق بعينين زائغتين في الشاب الذي جلس على أرض المركبة ضامًا ركبتيه إلى صدره وكأنما يذود بهما عن نفسه من خطر مجهول
وتحدث الشاب.. بشحوب وجهه تحدث.. بالارتعادة في صوته تحدث: إنه.. هنا.. هنا معي في المركبة.. صدقوا هذا أو لا تصدقوه، فلم أعد أبالي.. لقد فقدت تحكمي في المركبة.. تغير مسارها وهي تتجه الآن إلى المجهول ذاته.. لست أدري كم تبقى لي من أكسجين.. ولم يعد هذا يصنع فارقًا على أية حال.. فقط أتمنى أن ينتهي كل هذا سريعًا
وأظلمت الشاشة
**********
هيستريا
هذا الوغد الذي يلعب بأعصابه الآن، من على بعد آلاف الأميال، مصاب بالهيستريا
لا يمكن أن يكون الأمر غير ذلك..
أم.. أم أن هناك شخصا آخر حقًا؟
واقتحم صوت مساعده القصير، حيادي النبرة، أفكاره قائلاً: انقطع الاتصال بعد ذلك لمدة ثلاثة أيام.. ثم.. ثم جاءنا هذا البث
ومع سطوع الشاشة مرة أخرى، ظهر الهول
وانتفض جسد المسئول والخدر يتلاشى فجأة تاركًا كل أفكاره تحت رحمة الخوف
فأمامه ظهر الشاب وهو يحاول أن يمسك بأي شيء أمامه ليحافظ على اتزانه وعلى وجهه تبدت أقسى علامات الهلع
ترى هل كان يصرخ؟
أما المركبة نفسها فكانت تهتز لأغرب سبب ممكن.. وربما أكثر الأسباب إفزاعًا على الإطلاق.. لقد كانت هناك طرقات عنيفة على جدران المركبة الخارجية
تمامًا وكأنما اجتمع مجموعة صبية مشاكسين على سيارة صغيرة ليوسعوها طرقًا وركلاً، مع فارق بسيط مخيف
أنها ليست سيارة.. بل مركبة فضاء
وأنهم ليسوا صبية.. فهم على الأقل في الفضاء الخارجي الآن
**********
أظلمت الشاشة بغتة فشعر المسئول، وكأنما فقد القدرة على التنفس.. وانتزع كلمة واحدة من حلقه وكأنما ينتزع حربة من صدره: رباااااه
وبدا صوت مساعده الحيادي كأنما يأتي من بعيد، إذ قال: الآن سنشاهد آخر بث وصلنا من المركبة.. تماسك
وسطعت الشاشة مجدداً، ليبدو رزاز دم على سطح الكاميرا، حدق فيه المسئول بفزع تضاعف مع ظهور وجه الشاب هذه المرة
ظهر وجهه ببطء.. من أسفل لأعلى ليملأ الشاشة.. عينان جاحظتان يرقص الرعب في حدقتيهما.. جاحظتان بصورة غير طبيعية.. وخيوط الدم تسيل من فتحات الأنف والأذنين
وخرج صوته هذه المرة مختنقًا مخيفًا.. في حياته لن ينسى المسئول هذا الصوت الذي قال: الـ..ضغـ..طـ.. إ..نه..يتلاشـ.. هو.. فعلــ ها
وانفجر بغتة ليغطي الدم الشاشة كلها وليرتد معها جسد المسئول إلى الخلف، كأن الدم انفجر في وجهه هو
وعندما نطق أخيراً كان ما فعله أشبه بالصراخ: لقد مات.. هذا الشاب.. كيف؟! كيف حدث هذا؟!.. ومن الذي قام باختبار أجهزة المركبة قبل أن تنطلق؟!! وما الذي حدث هناك؟
أدار له مساعده القصير وجهاً صبغه الضوء القادم من الشاشة باللون الأحمر ليقول: سيدي.. أخشى أن هذه المشكلة ليست الأساسية
صرخ المسئول بغضب ارتجفت له حروفه: ما المشكلة إذن..؟؟
اختفت النبرة الحيادية من صوت مساعده وهو يقول أخيرًا: المشكلة أن المركبة "إٍس-32" أرسلت لمهمة استكشافية بحتة.. وقيادتها تتم بواسطة الكمبيوتر، بصورة أوضح نحن لم نرسل أحدا داخل هذه المركبة، نحن لا نعرف من هذا الشاب وكيف بلغ المركبة
لقد أرسلناها خاوية
خاوية تماماً..
وعلى الشاشة.. بدا وكأن وجه الشاب الذي غطته الدماء يبتسم
يبتسم ابتسامة بلا معنى..
**********


تحياااااااااااااااااااااااااااتي



**الحيالة**
avatar
**الحيالة**
مشرفة
مشرفة

عدد الرسائل : 601
الدولة : الذي حـدث هنـاك Get-1-10
مزاجي : الذي حـدث هنـاك Get-1-2008-6dhyr1ph
تاريخ التسجيل : 10/07/2007

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى